فصل: مسألة يحرم مع الإمام ثم يسهو فيركع ويسجد والآخر ساه أو مشتغل أو غافل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة المريض يكون في المحمل فلو نزل يصلي للأرض كيف يصلي:

وسألته: عن المريض يكون في المحمل فلو نزل يصلي المكتوبة في الأرض صلى إيماء، أيجزئ عنه أن يصلي على المحمل؟ قال: أرجو أن يجزئ عنه ذلك، ولكن يوقف له البعير موجها إلى القبلة، وأحب إلي أن ينزل فيصلي بالأرض.
قال محمد بن رشد: هذا خلاف ما في رسم سُنّ من سماع ابن القاسم مثل قول ابن عبد الحكم فيه، ورواية يحيى فيه أيضا عن ابن القاسم قول ثالث.
وقد مضى بيان ذلك كله في سماع ابن القاسم المذكور، وبالله التوفيق.

.مسألة يأتي إلى الجمعة والإمام في التشهد فيكبر ويسلم الإمام أيكبر أخرى:

وسئل: عن الذي يأتي إلى الجمعة والإمام جالس فيكبر ويجلس ويسلم الإمام فيقوم، أيكبر تكبيرة أخرى أم تكفيه التكبيرة الأولى؟
قال: تكفيه الأولى ولا إقامة عليه ويصلي أربعا.
قال محمد بن رشد: استحب في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم أن يبتدئ بتكبيرة أخرى، وقد مضى القول هناك على ذلك فلا وجه لإعادته، وبالله التوفيق.
ومن كتاب صلاة العيدين:

.مسألة أهل القرى الذين لا جمعة عليهم أيصلون العيدين:

قال: وسئل عن أهل القرى الذين لا جمعة عليهم، أيصلون العيدين؟
فقال: ما رأيت أن يصلي العيدين إلا من يصلي الجمعة.
قال محمد بن رشد: لم ير في هذه الرواية أن يصلي العيدين بجماعة وخطبة من لا تجب عليهم الجمعة، وقال في أول رسم من سماع عيسى: إنه لا بأس أن يجتمعوا ويصلوا صلاة العيدين بغير خطبة، وإن خطب فحسن، خلاف هذه الرواية.
وفي المدونة في هذه المسألة اختلاف في الرواية.
وأما إذا كانوا ممن تجب عليهم الجمعة فلا اختلاف في أنهم يصلون صلاة العيدين على وجهها بخطبة، وبالله التوفيق.

.مسألة غسل العيدين أقبل الفجر أم بعده:

وسئل: عن غسل العيدين أقبل الفجر أم بعده؟
فقال: ذلك واسع، من الناس من يغدو قبل الفجر.
قال محمد بن رشد: قد مرت هذه المسألة في صدر رسم الصلاة الأول وفي آخره من هذا السماع، ومضى القول عليها في رسم الصدر المذكور بما أغنى عن إعادته هنا، وبالله التوفيق.
ومن كتاب العقول:

.مسألة المصلي لله ثم يقع في نفسه أنه يجب أن يعلم ويحب أن يلفى:

قال: وقال مالك: سمعت ربيعة يسأل عن المصلي لله ثم يقع في نفسه أنه يجب أن يعلم ويحب أن يلفى في طريق المسجد ويكره أن يلفى في طريق غيره، فلا أدري ما أجابه به ربيعة، غير أني أقول: إذا كان أصل ذلك وأوله لله فلا أرى به بأسا، وإن المرء يحب أن يكون صالحا، وإن هذا ليكون من الشيطان يتصدق فيقول له إنك لتحب أن يعلم ليمنعه من ذلك. قلت له: فإذا كان أصل ذلك لله لم تر به بأسا؟
فقال: إي والله ما أرى بذلك بأسا، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما شجرة لا يسقط ورقها شتاء ولا صيفا»، قال عبد الله بن عمر: فوقع في قلبي أنها النخلة فأردت أن أقولها فقال له عمر: لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا، فأي شيء هذا إلا هذا، وإنما هذا أمر يكون في القلب لا يملك، قال الله تبارك وتعالى: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه: 39]، وقال: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} [الشعراء: 84].
قال محمد بن رشد: وقع في هذه الرواية أنه لم يدر بما أجابه به ربيعة، وقد وقع في سماع ابن القاسم من كتاب الصدقات أنه أنكر ذلك من سؤال السائل ولم يعجبه أن يحب أحد أن يرى في شيء من أعمال الخير والبر.
والذي ذهب إليه مالك رَحِمَهُ اللَّهُ من أنه لا بأس بذلك إذا كان أصل ذلك وأوله لله تعالى هو الصحيح إن شاء الله تعالى.
روي عن معاذ بن جبل أنه قال: يا رسول الله ليس من بني سلمة إلا مقاتل فمنهم من القتال طبيعته، ومنهم من يقاتل رياء، ومنهم من يقاتل احتسابا، فأي ذلك الشهيد من أهل الجنة؟ فقال: «يا معاذ بن جبل من قاتل على شيء من هذه الخصال أصل أمره أن تكون كلمة الله هي العليا فقتل فهو شهيد من أهل الجنة» وهذا نص في موضع الخلاف.
سماع عيسى بن دينار من كتاب أوله نقدها نقدها:

.مسألة يحرم مع الإمام ثم يسهو فيركع ويسجد والآخر ساه أو مشتغل أو غافل:

قال عيسى: سئل مالك عن الذي يحرم مع الإمام ثم يسهو فيركع ويسجد والآخر ساه أو مشتغل أو غافل، وذلك في الركعة الأولى أو غيرها، أيتبعه؟
قال ابن القاسم: قال لي مالك: في هذه أقاويل ثلاثة: أحدها: أنه قال يتبعه ما لم يرفع من الركعة التي نهض إليها، والثاني: أنه يتبعه ما لم يرفع رأسه من سجود الركعة التي غفل عنها، والثالث: إن كان في الركعة الأولى فلا يتبعه رأسا، وإن كان في غيرها اتبعه إن طمع أن يدركه في السجود، وإن لم يطمع فلا يتبعه، وليس فيها قول أبين من هذا.
قال: ثم سألته عن الرجل يصلي مع الإمام فيزحم أو يغفل ينعس عن الركوع مع الإمام حتى يرفع الإمام رأسه من ركعته، قال ابن القاسم: إن كان في أول ركعة دخل مع الإمام في سجوده ولم يركع بعده ويتبعه كما وصفت ويكون كالداخل، والزحام والغفلة والنعسة في هذا سواء.
قال ابن وهب وأشهب مثله.
قال ابن القاسم: وإذا عقد مع الإمام الركعة الأولى وتمت له بسجدتيها ثم عرض له في الركعة الثانية فإنه يركع ويتبعه ما رجا أن يدركه في سجوده، إلا في الزحام فإنه في الأولى والثانية والرابعة سواء، ويعمل في الثانية كما يعمل في الأولى.
قال ابن وهب وأشهب: الغفلة والنعسة والزحام كل ذلك سواء، يركع ويتبعه ما طمع أن يدركه في سجوده.
قال ابن القاسم: ولو اشتغل رجل بحل إزاره أو ربطه حتى سبقه الإمام بالركعة، وذلك فيما بعد الأولى، فأنا أرى أن يتبعه ما طمع أن يدركه في سجوده.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى القول في تحصيلها في رسم كتب عليه ذكر حق من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادة القول فيها هاهنا.
ومضت أيضا في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب، وستأتي متكررة أيضا في رسم لم يدرك بعد هذا.

.مسألة صلاة أهل البادية العيدين بجماعة يجتمعون لذلك:

وقال في صلاة أهل البادية العيدين بجماعة يجتمعون لذلك بحيث لا تجب الجمعة: إنه لا بأس بذلك، إن شاءوا فعلوا، يصلي بهم رجل منهم ركعتين ويكبر تكبيرة الفطر والأضحى وإن لم يخطب، وإن خطب فحسن، ولا أرى الخطبة في مثل هذا إلا في المدائن والقرى التي تجب فيها الجمعة، وإن كانت قرية وبيوت متصلة يجوز أن يجمع فيها الجمعة فلا يصلون العيدين إلا بخطبة، وإن لم يكونوا يجمعون.
ولا ينبغي لهؤلاء أن يتركوا الجمعة كان عليهم وال أو لم يكن، أمرهم الوالي بذلك أو لم يأمرهم، فإن لله حقوقا في أرضه لا تترك لشيء، الجمعة من ذلك.
قال: والخصوص والمحال إذا كانت مساكنهم كمساكن القرى في اجتماعها وكان لهم عدد لم يحل لهم أن يتركوا الجمعة، وليخطب بهم رجل منهم، ويصلي ركعتين كان عليهم وال أولم يكن.
قال محمد بن رشد: قوله في الذي لا جمعة عليهم إن لهم أن يصلوا صلاة العيدين على سنتها بالإمام والخطبة خلاف ما تقدم في رسم العيدين من سماع أشهب، وقد ذكرنا ذلك هنالك.
وأما قوله في الذين يجب عليهم الجمعة إنهم لا يتركونها كان عليهم وال أو لم يكن فهو مثل ما في المدونة، وهو المعلوم في المذهب وقد ذكرنا الاختلاف في ذلك في أول رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب.
وأما قوله في الخصوص والمحال إذا كانت مساكنهم كمساكن القرى في اجتماعها إنهم يجمعون الجمعة، فهو خلاف ما مضى في الرسم المذكور من سماع أشهب، وقد مضى القول على ذلك هنالك، وبالله التوفيق.

.مسألة قرية يجمع في مثلها الجمعة وحولها المنازل فاتتهم الجمعة:

قيل لأصبغ: ما تقول في قرية يجمع في مثلها الجمعة وحولها المنازل على مسيرة ميلين أو ثلاثة فاتتهم الجمعة، فكيف يصلون؟
قال: يصلون أفرادا ولا يجمعون الظهر لأنهم أهل الجمعة.
قلت: فإن صلوا جماعة ظهرا؟ قال: بئس ما صنعوا ولا أرى عليهم إعادة.
قلت: فإن كان ذلك في المصر مثل الفسطاط وغيرها؟
قال: هو مثله يصلون أفذاذا، فإذا جمعوا الظهر فبئس ما صنعوا ولا أرى عليهم إعادة، ولا أحب ذلك لهم، فإن فعلوا فلا إعادة عليهم.
قال المؤلف: قوله في الذين تجب عليهم الجمعة إنهم لا يجمعون إذا فاتتهم الجمعة ويصلون أفذاذا- هو المشهور في المذهب.
وقوله: لا إعادة عليهم إن جمعوا- صحيح؛ لأن منعهم من الجمع ليس بالقوي، وذلك أنهم إذا منعوا من الجمع ليحافظوا على الجمعة؛ لأنهم إذا علموا أنه يفوتهم بفواتها فضل الجمعة والجماعة لم يتهاونوا بها.
وقيل: إنهم إنما منعوا من الجمع لئلا يكون ذلك ذريعة لأهل البدع، وهذه العلة أظهر، فإذا جمعوا وجب أن لا يعيدوا على كل واحدة من العلتين.
وقد روي عن مالك: أنهم يجمعون، وهو قول ابن نافع وأشهب في المجموعة، فلم يراع على هذه الرواية واحدة من العلتين.
وكذلك من تخلف عن الجمعة لغير عذر غالب- المشهور أنهم لا يجمعون، إلا أنه اختلف إن جمعوا، فروى يحيى عن ابن القاسم في رسم أول عبد أشتريه فهو حر من هذا الكتاب: أنهم يعيدون، وقال ابن القاسم في المجموعة: إنهم لا يعيدون، وقاله أصبغ في المتخلفين من غير عذر، وهو الأظهر، إذ قد قيل: إنهم يجمعون؛ لأنهم وإن كانوا تعدوا في ترك الجمعة فلا يحرموا فضل الجماعة.
والاختلاف في الإعادة على من جمع في الموضع الذي يقوى فيه ترك الجمع، وهو أن يتخلفوا عن الجمعة لغير عذر أو لعذر غالب- مبني على اختلافهم فيمن وجب عليه أن يصلي فَذًّا فصلى بإمام، فعلى هذا لا يعيد الإمام.
والمشهور في الْمَرْضَى والمسجونين أنهم يجمعون لأنهم مغلوبون على ترك الجمعة.
وقد روى ابن القاسم: أنهم لا يجمعون، وهو غير المعروف من قوله.
ووجهه: أنهم وإن كانوا غلبوا على ترك الجمعة فيمنعون من الجمع من ناحية الذريعة.
واختلف ابن القاسم وابن وهب في المتخلفين عن الجمعة لعذر يجيز لهم التخلف عنها مع القدرة على شهودها.
وسيأتي هذا في رسم باع شاة من هذا السماع.
واختلافهما في ذلك على الاختلاف في علة منع من فاتته الجمعة من الجمع هل هي من أجل الذريعة أو ليحافظوا على الجمعة، وبالله التوفيق.

.مسألة فاتته الجماعة وكان على الإمام سهو قبل السلام فسجد معه ثم قام وسها:

وسئل: عمن فاتته صلاة الإمام وقد كان على الإمام سهو يكون سجوده قبل السلام فسجد معه ثم قام وقضى بعده فدخل عليه سهو يكون زيادة في الصلاة أو نقصانا، قال: يسجد أيضا.
قلت: أرأيت إن كان سجود الإمام بعد السلام فلم يسجد معه وقام يقضي فدخل عليه سهو يكون نقصانا متى يسجد؟ قال: قبل السلام ويجزيه من سهو الإمام، وإن كان أيضا بعد السلام فسجدتان بعد السلام تجزيانه.
قال ابن القاسم: ولو كان سجد مع الإمام قبل السلام فدخل عليه هو أيضا فيما يقضي نقصانٌ فإنه يسجد أيضا قبل السلام.
قال الإمام: اختلف في الذي يدخل مع الإمام في آخر صلاته ولم يدرك منها شيئا وعلى الإمام سجود السهو، فقيل: إنه يسجد معه إن كان السجود قبل السلام ولا يسجد معه إن كان السجود بعد السلام، وهي رواية زياد عن مالك وظاهر هذه الرواية، لقوله فيها فسجد معه في السجود قبل السلام، ولم يسجد معه في السجود بعد السلام.
وأراه قول مالك بدليل عطف قول ابن القاسم عليه في المسألة نفسها.
وقيل: إنه لا يسجد معه، كان السجود قبل السلام أو بعده، وهو قول ابن القاسم في المدونة وظاهر قوله هاهنا؛ لأن قوله ولو كان سجد مع الإمام قبل السلام يدل على أنه أراد لو فعل ذلك وهو ليس له أن يفعله، والله أعلم، وقيل: إنه يسجد معه بعد السلام، فأحرى أن يسجد معه قبل السلام، وإن كان لم يفعله إلا إذا أدرك بعض صلاته وهو عنده سواء.
وجه القول الأول: أنه قد دخل مع الإمام فلا يخالفه فيما فعل قبل السلام، لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه».
ووجه القول الثاني ما ذكر في المدونة من أنه لم يدرك من الصلاة شيئا فلا يلزمه من سهو الإمام شيء.
ووجه القول الثالث أن السجدتين وإن كانتا بعد السلام فهي من تمام صلاة الإمام، وقد دخل معه فيها فوجب ألا يخالفه في شيء منها.
وقوله إنه يسجد لسهوه فيما يقضي من صلاته زيادة كان أو نقصانا صحيح لا اختلاف فيه.

.مسألة الرجل يحرم للنافلة ثم تقام فريضة:

وسئل عن الرجل يحرم للنافلة ثم تقام فريضة كيف يصنع؟ أيسلم قاعدا أو قائما؟ قال: بل قائم، قال عيسى: أحب إلي أن يصلي ركعتين إذا رجا أن يفرغ قبل أن يركع الإمام الركعة الأولى، وإن لم يرج ذلك فليسلم على أي حال أحب.
قال القاضي: اختلف فيمن أحرم في نافلة أو فريضة فأقيمت عليه تلك الفريضة قبل أن يركع على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يقطع في الفريضة والنافلة وإن كان يطمع أن يتم ركعتين قبل أن يركع الإمام، وهو ظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية في النافلة، ونص ما في المدونة في الفريضة.
والثاني: أنه يتمادى إلى ركعتين إن رجا أن يتممهما قبل أن يركع الإمام في الفريضة أيضا والنافلة، وهو قول مالك في المدونة، وقول عيسى بن دينار هنا في النافلة، وقول ابن حبيب وأشهب، ورواية ابن وهب عن مالك في الفريضة.
والثالث: الفرق بين الفريضة والنافلة، فيتمادى في النافلة ويقطع في الفريضة، وهذا القول يتأول على أنه مذهب مالك في المدونة.
وحكى الفضل أنه مذهب أصحاب مالك.
ولم يختلفوا إذا أقيمت عليه الصلاة وقد عقد ركعة من الفريضة والنافلة أنه يتمادى إلى تمام ركعتين ولا يقطع، وهذا فيما عدا المغرب.
وأما إذا أقيمت عليه صلاة المغرب فإن كان لم يركع قطع قولا واحدا، وإن كان قد ركع، فقيل: إنه يقطع، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة، وقيل: إنه يتم الثانية وتكون له نافلة ويدخل مع الإمام، وهي رواية سحنون عن ابن القاسم، وقول ابن حبيب في الواضحة.
وإن كان قد صلى ركعتين، فقيل: إنه يتم الثالثة ويخرج من المسجد، وهو قول ابن القاسم في بعض روايات المدونة، وقول ابن حبيب في الواضحة.
وقيل: إنه يسلم ويدخل مع الإمام، وهي رواية سحنون عن ابن القاسم.
وإن كان قد أتم الثالثة سلم وخرج من المسجد قولا واحدا، وكذلك إن عقدها بالركوع أو الرفع منه على الاختلاف في ذلك.
قال في سماع سحنون: ويضع يده على أنفه.
فما في المدونة مطرد على أنه وقت لا تصلى فيه نافلة، وما في سماع سحنون مطرد أيضا على أنه وقت تصلى فيه نافلة، وقول ابن حبيب في الواضحة متناقض؛ لأنه قال: إن كان قد صلى ركعة أضاف إليها أخرى، وإن كان قد صلى ركعتين أتم الثالثة وخرج من المسجد، فجعل الوقت مرة يصلح للنافلة ومرة لا يصلح لها، والله أعلم.

.مسألة الذي يقلس طعاما في الصلاة:

ومن كتاب أوله استأذن سيده:
وسئل: عن الذي يقلس طعاما في الصلاة فيلقيه أو يرده، قال: يتمادى في الصلاة ولا شيء عليه.
وقال أيضا: إن كان بلغ مبلغا لو شاء أن يطرحه طرحه فازدرده فأحب إلي أن يقضي يوما مكانه، والصلاة مثله.
قال محمد بن رشد: قوله في أحد قوليه في الذي يرد القيء بعد فصوله أنه لا شيء عليه في صلاته وصيامه، معناه إذا رده ناسيا أو مغلوبا، وأما إن رده عامدا وهو قادر على طرحه فلا ينبغي أن يختلف في فساد صومه وصلاته. وقد روى ابن نافع عن مالك أنه قال في القلس يظهر على لسان الرجل فيبتلعه: بئس ما صنع، وكان ينبغي أن يطرحه، ولكن لا قضاء عليه إن ابتلعه.
وهو بعيد؛ لأن ظاهره العمد.
وأما إن ذرعه القيء أو القلس فلم يرده فلا شيء عليه في صلاته ولا صيامه على هذه الرواية، وهو المشهور.
وقد مضى في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب ما فيه، دليل على أن ذلك يقطع صلاته في القيء بخلاف القلس، وبالله التوفيق.

.مسألة الإمام يحدث بعد التشهد الآخر أو يرعف:

وسئل: عن الإمام يحدث بعد التشهد الآخر أو يرعف، قال: يقدم من يسلم بالقوم.
قال محمد بن رشد: قد مضى القول في معنى هذه المسألة ووجه السؤال عنها في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.

.مسألة ينسى الظهر فلما صلى العصر من يومه ذلك وسلم منها ذكر الظهر:

وسألته: عن الذي ينسى الظهر فلما صلى العصر من يومه ذلك وسلم منها ذكر الظهر ولم يعد العصر جهل أو نسي فذكر أو انتبه لذلك بعد الوقت، قال: إن كان خرج وقتها فلا شيء عليه.
قال محمد بن رشد: قوله جهل يريد جهل أنه مأمور بإعادة الصلاة في الوقت. وكذلك لو جهل أنه في الوقت مثل أن يكون ذكر الظهر قبل الغروب وقد كان صلى العصر فلما صلى الظهر الذي ذكر ظن أن الشمس قد غربت فلم يصل العصر، ثم انكشف أنه لو صلاها لأدرك منها ركعة قبل الغروب.
وقد قال في رسم أسلم بعد هذا في الذي جهل الوقت وظن أنه قد كان خرج، أن عليه القضاء بعد خروج الوقت، فهو اختلاف من قوله في الوجوه الثلاثة، إذ لا فرق بينهن، فمرة رأى أنه لا إعادة عليه فيهن بعد خروج الوقت، وهو المشهور من قوله الذي يشهد النظر بصحته؛ لأن الإعادة في الوقت إنما هي استحباب ليدرك فضيلة الترتيب فيه، فإذا خرج الوقت لم يعد بعد الوقت كما لا يعيد بإجماع إذا لم يفرغ من الصلاة التي نسي حتى خرج الوقت؛ ومرة رأى أن الإعادة واجبة عليه بعد الوقت، إذ قد كانت وجبت عليه في الوقت، وإلى هذا ذهب ابن حبيب في هذا الأصل وحكاه عن ابن الماجشون عن مالك.

.مسألة أمة صلت ركعة من المكتوبة ثم أتاها العتق ورأسها مكشوف:

وسئل: عن أمة صلت ركعة من المكتوبة ثم أتاها العتق ورأسها مكشوف فوجدت من يعطيها خمارا فأبت أن تأخذه أو جهلت وهي قادرة أن تأخذه فلم تأخذه، أو لم تجد من يناولها خمارا، أتعيد في شيء من ذلك في الوقت أم لا؟ أو عريان صلى ركعة ثم أتى رجل بثوب ففعل مثل ما فعلته الأمة أيعيد الصلاة أم لا؟
قال ابن القاسم: أما إذا لم تجد من يعطيها فلا إعادة عليها، وأما إذا قدرت عليه فلم تأخذه أو أعطيته فلم تأخذه فإنها تعيد ما كانت في الوقت؛ والعريان كذلك إذا كان يقدر على ثوب.
قال أصبغ: وأنا أرى قول ابن القاسم في التي سبق لها العتق قبل دخولها في الصلاة، فأما التي أعتقت وهي في الصلاة فتمادت وهي تجد سترة فلا إعادة عليها في وقت ولا غيره؛ لأنها عقدت الصلاة بما يجوز لها وهي من أهل الكشف، فهي على ما دخلت به فيها تمضي عليه ويجزي عنها، بمنزلة المتيمم يعقد الصلاة بالتيمم ثم يطلع عليه الماء وهو في صلاته فيمضي على صلاته، وهو أشد من الأمة.
وإنما استحسن لها الاستتار عند ذلك إذا وجدته استحسانا؛ لأنه ليس عليها مضرة في تناوله ولا قطع صلاة، وليس بواجب عليها، ولا يعجبني قول ابن القاسم هذا.
قال أصبغ: ومثل الذي يسبق لها العتق قبل الدخول في الصلاة مثل الذي يكون في رحله الماء فلا يعلم به، فيقوم ويتيمم ويصلي أنه يعيد، فكذلك هذه إذا كانت دخلت في الصلاة وهي حرة وهي تجد سترا أنها تعيد في الوقت.
وأنا أقول في الذكي صلى وفي رحله الماء إنه يعيد أبدا لأنه كان من أهل الماء، فليس جهله الماء أو غفلته أو نسيانه بالذي يخرجه مما وجب عليه.
قيل لسحنون في الأمة يعتقها سيدها وهي في الصلاة وهي مكشوفة الرأس، فقال: أرى أن تقطع وتبتدئ الصلاة، وكذلك لو أن عريانا ابتدأ الصلاة فلما كان في بعض الصلاة وجد ثوبا: إنه يبتدئ ولا يبني.
قال محمد بن رشد: تأول أصبغ عن ابن القاسم أنه إنما تكلم على التي سبق لها العتق قبل الصلاة، إذ بعد عنده أن يوجب الاستتار على التي أعتقت في الصلاة، وليس ذلك بصحيح، إذ قد نص في رواية موسى عنه على أن الاستتار يجب عليها في بقية صلاتها إذا أعتقت في الصلاة، فلا فرق على مذهب ابن القاسم بين أن تعتق في الصلاة أو يأتيها الخبر فيها بأنها قد أعتقت قبل دخولها فيها.
ويتحصل في المسألة أربعة أقوال:
أحدها: أنها إن استترت في بقية الصلاة أو لم تقدر على الاستتار فيها أجزأتها صلاتها. وإن قدرت على الاستتار فلم تفعله أعادت في الوقت، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية، فالاستتار عليها في بقية الصلاة على هذا القول، واجب مع القدرة عليه، ساقط مع عدمها.
والقول الثاني: أنها إن استترت في بقية صلاتها أجزأتها، وإن لم تفعل أعادت في الوقت، كانت قادرة على ذلك أو لم تكن، وهو قول ابن القاسم في رواية موسى عنه، فالاستتار على هذا القول في بقية الصلاة واجب عليها بكل حال، فإن قدرت عليه فعلته، وإن لم تقدر عليه خرجت عن نافلة وابتدأت الصلاة.
والقول الثالث: أن الصلاة لا تجزئها وإن استترت في بقيتها وتبتدئ، فإن لم تفعل أعادت في الوقت، وهو قول سحنون. ووجهه: أنه قد حصل جزء من صلاتها بغير قناع بعد عتقها أو بعد وصول العلم إليها بذلك.
والقول الرابع: الفرق بين أن تعتق في الصلاة أو يأتيها الخبر بعتقها بعد أن دخلت فيها، فإن عتقت فيها لم يجب عليها الاستتار في بقيتها إلا استحسانا إن قدرت عليه، فإن لم تفعل فلا إعادة عليها، وإن أتاها الخبر بعتقها بعد أن دخلت في الصلاة لم يجزها وإن استترت في بقيتها، فتقطع وتبتدئ، فإن لم تفعل أعادت في الوقت، وهو قول أصبغ هنا، فحكم لها أصبغ بحكم الحرة من يوم أعتقت، ولم يحكم لها ابن القاسم إلا من حين وصول الخبر بذلك إليها.
وهذا على اختلافهم في الحكم المنسوخ هل يكون منسوخا على المتعبد به بنفس ورود الناسخ أو بوصول العلم إليه بذلك، وقول ابن القاسم في العريان يجد ثوبا في الصلاة فيأبى أن يأخذه أو يجهل ذلك: إنه يعيد في الوقت، يأتي على القول بأن ستر العورة في الصلاة من سننها لا من فرائضها، كالقناع للمرأة الحرة.
وأما على القول إنه من فرائضها فتعيد أبدا كالمريض يفتتح الصلاة جالسا ثم يصح في بقيتها فيتمها جالسا، ولا يقطع إذا وجد ثوبا في الصلاة قياسا على مسألة المريض، خلاف ما ذهب إليه سحنون، وبالله التوفيق.